فى 21 يونيو 2001 انتحرت السندريلا الفنانة، فى 21 يونيو 2012 انتحرت السندريلا الحلم! اختفى حلم ونموذج البنت الجميلة المتألقة التى تشع بهجة ليحل محلها نموذج البنت العورة الحرمة التى تنضح كآبة، انتحرت السندريلا سعاد حسنى لتعيش أم أيمن!

منذ أحد عشر عاماً تخيلنا أن جنازة سعاد حسنى لن يسير فيها أحد، عندما هبط النعش إلى مطار القاهرة تشكك البعض فى استقبال المصريين لها لعدة أسباب أولها أن المزاج المصرى قد صار وهابياً معادياً للفن والفنانين، ثانياً: خبر انتحارها الذى يصدم الحس الدينى الذى يصنف المنتحر على أنه كافر، هذه المبررات وغيرها هى التى جعلت البعض يعتقد أن جنازة سعاد حسنى لن يسير فيها أحد، وأن نجوميتها ستُدفن معها فى القبر، ولكن خابت الظنون والتكهنات وسار فى جنازتها مئات الآلاف! اكتشفنا أن القشرة فقط وهابية لكن النواة والجوهر والمكنون ما زال مصرياً خالصاً، لم يخاصم الجمال بعد، ما زال عاشقاً للبهجة والحياة والحب، ما زال يحلم بنموذج البنت سعاد حسنى، السندريلا ذات الجمال الخالص الخالى من كوليسترول النفخ والبوتوكس والفيلر والشد والتجميل، الجمال البكر كما خلقه الله سبحانه وتعالى وأراده إشعاع تألق وجاذبية.

هل كانت النسوة اللاتى يبكين ويولولن على سعاد حسنى، حزينة على نموذج سعاد حسنى فيلم الاختيار أو الدرجة الثالثة أم نموذج سعاد فيلم الثلاثة يحبونها والسفيرة عزيزة وزوزو؟! لا، كنّ يبكين أنفسهن وبناتهن اللاتى أصبحن تماثيل كآبة وأصنام تجهّم وأشجار كافور بدينة كسولة، كن يبحثن عن نموذج البنت الشقية «زوزو» التى تتحرك كالفراشة تشع ضوءاً وألقاً ومودة وحباً، تجرى وتسبح وتناقش وترقص فرحاً وتعبّر بطبيعتها بدون تمثيل أو رتوش أو أقنعة ولا تخجل من كونها أنثى، بنت لا تُدفن وهى حية بدعوى أنها شيطان، ولا تعامل كروبابيكيا وهى أصل الحياة وبذرة النمو والتجدد.

الدموع التى ودعتها كانت دموعاً على حال البنت المصرية التى صارت عورة تمشى على قدمين، هناك من يصرخ ببتر أعضائها حتى نستريح من صداعها، وهناك من يخنقها بستائر سميكة سوداء لا تظهر منها خلية حية حتى لا تثير الغرائز الثعبانية التى لا يسكت فحيحها، وهناك من يجعلها جارية فى حريمه السلطانى ويبكى على أيام ذات اليمين ونكاح المتعة، وهناك من يريد وأدها بتزويجها وهى لم تغادر ساحة الطفولة بعد! صار المجتمع بقدرة قادر عن بكرة أبيه يعانى من مشكلة واحدة فقط اسمها المرأة!

سعاد حسنى عندما انتحرت منذ أحد عشر عاماً وجدت من يرثيها ويبكيها ووجدت من لم يصدق أنها انتحرت، أما الآن فلن يرثيها أحد لأنها لم تنتحر وحدها بل انتحر معها نموذج البنت المصرية بسكين الرجعية والتخلف والقهر الذى صار السلاح المصرى المعتمد والمختوم بختم النسر.